الحتمية الاقتصادية لتفعيل دور التجارة الالكترونية في مصر
التجارة الالكترونية في مصر … هل يستحق الأمر العناء؟
لم تشهد البشرية يوما تغيرا وتحولا وتقدما سريعا كما تعيشه معمورتنا في هذه العقود الأخيرة من الزمن، فقد برزت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتُحدث ثورة حقيقية في كل مناحي الحياة اليومية كالتجارة والتعليم والعمل وغيرها.
ومن أهم أدوات التكنولوجيا الجديدة للإعلام والاتصال الوسيلة الناشئة والمعروفة بشبكة الانترنت، والتي تعد من أحدث التقنيات التي شهدها العقد الأخير من القرن العشرين، ومن بين أهم الاختراعات التي أسالت من المداد بحارا خلال هذا العقد.
فالإنترنت بمثابة موسوعة علمية تقدم خدماتها المتنوعة لكافة المستفيدين عبر أنحاء العالم وفي كل المجالات كالأبحاث العلمية ومجال الأعمال، فقد أثر الإنترنت على نشاطات القطاعات الاقتصادية وأحدثت الكثير من التغييرات في المفاهيم الاقتصادية، وعلى اعتبار أن التجارة هي غاية كل نشاط اقتصادي، فكان لزاما عليها أن تساير التطورات التكنولوجية؛ وما تمخض عن هذه المسايرة هو ميلاد التجارة الالكترونية والتي ساهمت بفضل الإنترنت في تحويل العالم واسع الأرجاء إلى سوق واحد بشكل جديد ومتطور وخالٍ من كل الحدود، يستطيع مرتادوه اقتناء حاجياتهم من السلع والخدمات بكل راحة وبأقل وقت وتكلفة ممكنة.
وفي التقرير الخاص بتاريخ 24مارس 2015 أكدت الاونكتاد أن قيمة التجارة الإلكترونية العالمية تبلغ بين المؤسسة التجارية والمستهلك نحو 1.2 تريليون دولار، وفي حين أن هذه القيمة صغيرة جدا بالمقارنة بقيمة التجارة الإلكترونية بين المؤسسات التجارية والتي تتجاوز 15 تريليون دولار, فإن هذا القطاع ينمو بسرعة أكبر, لاسيما في آسيا وأفريقيا, ويتيح هذا المجال أيضا إمكانيات كبيرة لنمو التجارة الإلكترونية في الدول النامية.
ويتوقع التقرير أن يبلغ نصيب الاقتصادات النامية والاقتصادات الانتقالية قرابة 40% من التجارة الإلكترونية العالمية بين المؤسسة التجارية والمستهلك بحلول عام 2018في حين أنه من المقرر أن يتراجع نصيب البلدان المتقدّمة من أكثر من 70 % إلى نحو 60%، وذلك بحسب تقديرات السوق.
وقد أصبحت الصين أكبر سوق عالمية للتجارة الإلكترونية بين المؤسسة التجارية والمستهلك، قياسًا بعدد المشترين على شبكة الإنترنت وبمبلغ الإيرادات على السواء، وفي الفترة ما بين عامي 2013 و 2018 ، من المتوقع أن يرتفع نصيب منطقة آسيا وأوقيانيا في التجارة الإلكترونية العالمية بين المؤسسة التجارية والمستهلك من 28% إلى 37%، في حين يتوقع أن يرتفع نصيب الشرق الأوسط وأفريقيا ارتفاعًا طفيفًا من 2.2 % إلى 2.5%. (انظر شكل 1)
ويتفاوت مدى التسوق عبر الإنترنت تفاوتًا كبيرًا بين الناس، فعلى سبيل المثال؛ تبلغ نسبة الأفراد الذين اشتروا أشياء من خلال الإنترنت 2% فقط في المكسيك وتايلاند، وأكثر من 60% في بعض البلدان المتقدمة.
وبخلاف الشبكات الاجتماعية التي ترتفع فيها معدلات النشاط نسبيًا في البلدان النامية، فإن نسبة مستعمِلي الإنترنت الذين يتسوقون من خلال الإنترنت أدنى “عمومًا” من مثيلاتها في البلدان المتقدمة، وقد يعكس هذا الأمر ضعف القدرة الشرائية وعوامل مُخفِّفة أخرى مثل: غياب الثقة، ومحدودية خيارات التسوق، وضعف خدمات التسليم.
ويسلّط التقرير الأضواء على أن البلدان النامية كمجموعة تؤدي دورًا أبرز بوصفها مشترية وبائعة -على السواء- للسلع والخدمات على الإنترنت. وفي الوقت نفسه، يولد تزايد الاعتماد على التجارة الإلكترونية مكاسب كبيرة للمستهلكين من حيث الإنتاجية لمؤسسات الأعمال التي تبيع منتجاتها من خلال الإنترنت.
وفيما يتعلق بمصر؛ نجد أن الثورة الرقمية قد غيرت تركيبة الاقتصاد العالمي بشكل جذري، ومصر باتت على وشك هذا التحول الانتقالي حيث أن التجارة الإلكترونية في مصر يقصد بها التعامل علي السلع والخدمات باستخدام شبكات الإنترنت، ونشأت التجارة الإلكترونية في مصر بالتزامن مع انتشار ثقافة التعامل مع الإنترنت والهواتف الذكية حيث تحتل مصر حاليا المرتبة 12 على مستوي العالم وفق معيار أفضل الجهات الجاذبة للاستثمار في مجال التجارة القائمة على الإنترنت، وعلي الرغم من حقيقة أن المعدل العام لانتشار التجارة الإلكترونية في مصر لا يزال ضئيل ويبلغ 3,4% وأقل من 20% من الأعمال المصرية لديها وجود على الانترنت (ونجد أيضا أن مصر لديها أكبر عدد من مستخدمي الإنترنت في العالم العربي ولكن فقط منهم 8% من المستهلكين علي الإنترنت. (انظر شكل 2)
أما فيما يتعلق بالمدفوعات الإلكترونية في مصر نجد أنه علي الرغم من أن المدفوعات الإلكترونية هي إحدى فروع التجارة الإلكترونية حيث يتم دفع قيمة السلع بيعا أو شراء عن طريق الانترنت إلا أن 10% فقط من المصريين لديهم حسابات مصرفية وبالتالي فإن الاقتصاد المصري مازال قائما علي الدفع النقدي . وفيما يخص الصيرفة النقدية نجد أن غالبية البنوك في الشرق الأوسط وخاصة في مصر تسعى لتقديم مبادرات لمواكبة ثورة الخدمات الإلكترونية من خلال تطوير الأدوات على الإنترنت لتقليل عدد زيارات العملاء للفرع ومن ثم خفض التكاليف التشغيلية وتمكين العملاء من توفير الوقت من ناحية أخرى.
حيث نجد في السوق المصري 40 بنكًا قام 30 بنكًا بتطوير موقعه الإلكتروني لتقديم الخدمات, 19 بنكًا منهم حصل على رخصة تقديم الصيرفة الإلكترونية, و7 بنوك تقدم خدمة الموبايل بانكنج Mobil Banking و3 بنوك تجمعهم شراكة مع شركات المحمول. ( البنك المركزي المصري- البورصة نيوز) وبالتالي من المتوقع أن يتزايد بل ويتضاعف حجم المشتريات الإلكترونية في مصر بحلول عام 2016 ليصل إلى 3 أضعاف السابق و ذلك بسبب دعم الحكومة للتطوير التكنولوجي, والنمو الهائل في مبيعات الهواتف الذكية, والزيادة الكبيرة في استخدام بطاقات الائتمان والخصم المباشر بالإضافة إلى تزايد الطلب على المنتجات ذات العملات التجارية المميزة.
قامت مصر -أيضًا- بتأسيس أول شبكة عربية للتجارة الإلكترونية من خلال الإنترنت ومقرها مدينة القاهرة وهي “الشركة العربية للاتصالات” والتي تهدف إلى خدمات عربية جديدة عبر شبكة الإنترنت من خلال سوق العرب الإلكترونية للعمل على تنشيط التجارة الدولية للدول العربية… حيث تُعَدُّ مصر في المرتبة الثالثة بعد الإمارات والسعودية الأكثر كثافة في السكان بما يعادل 90 مليون نسمة أقلهم بقليل يستخدم الإنترنت، حوالي 10% يتسوقون عبر الإنترنت، حيث تفتح هذه التجارة آفاقًا جديدةً للشباب مع تنمية المشروعات الصغيرة أيضا.
حيث من المتوقع أن يزداد نمو حجم التجارة الإلكترونية في مصر بثلاث مرات عام 2016 ليصبح ما ينفقه المصريون على التجارة الإلكترونية 447,3مليون دولار، حيث أن الحجم الكلي للقيمة السوقية للتجارة الإلكترونية لا يزال ضعيفا بنسبة 3.4% ومع تزايد حجم التبادل التجاري بين الدول والعمل على تحسين خدمات الإنترنت سوف يؤدي ذلك إلى نتائج أفضل في المستقبل.