أقلام اقتصادية

الاقتصاد المصري بين الإصلاح والانهيار

أعلنت الحكومة المصرية عن رؤية استراتيجية كاملة لمصر عام 2030، كما أعلنت مرارًا أنها ستتخذ عدة إجراءات للإصلاح الاقتصادي[1]، ووفقًا لهذه الإجراءات تم تعويم الجنيه، ورفع أسعار المشتقات البترولية، وفرض ضريبة القيمة المضافة، وزيادة أسعار الجمارك على كثير من السلع التي تراها الدولة “رفاهية”.

ربما تكون هذه الإجراءات صحيحة اقتصاديا، ولكن كان لابد من زيادة الدخل ورفع المستوى المعيشي للمواطن قبل اتخاذ أي إجراء.

فعلى المستوى الاجتماعي، يفقد البرلمان الإحساس بالمواطن البسيط، فمن المفترض أن يناقش البرلمان كل القرارات التي تمس الدعم والإصلاحات الاقتصادية عوضًا عن مؤسسة الرئاسة لإعطاء انطباع مؤسسي أمام الرأي العام الاقتصادي العالمي وأمام المستثمر الأجنبي.

ومع ارتفاع الأسعار والانخفاض المستمر لقيمة الجنيه[2] وانعدام أي آلية لضبط الأسعار وغياب دور الأجهزة الرقابية في السوق المحلي وعدم فاعلية أجهزة حماية المستهلك؛ زادت الأسعار بشكل عشوائي وبالتالي انخفضت القوة الشرائية للمواطن وتحمل المستهلك زيادة الأسعار بشكل كامل.

نتائج القرارات الاقتصادية

  • أصبحت الأسعار لا تعبر عن القيمة الحقيقية للسلع، وذلك بسبب الانخفاض الكبير في قيمة الجنيه
  • ارتفاع مخاطر زيادة الأسعار في السوق العالمي، فقد ترتفع أسعار بعض السلع عالميا (مثل البترول، حيث ارتفع سعره بعد مناقشات منظمة “الأوبك” لمحاولة رفع الأسعار) مما سيزيد من تكلفة استيراد البترول على الحكومة المصرية إلى جانب رفع سعر صرف الدولار.
  • ارتفاع تكلفه النقل، وبالتالي رفع أسعار معظم السلع والخدمات متأثرة بذلك، إضافة إلى رفع تكلفة النقل الشخصي للأفراد.
  • نتيجة لعدم دراسة القرارات وتوفير البدائل؛ لا توجد خطط وبدائل حقيقية لدى الحكومة لكيفية إدارة مرحلة ما بعد التعويم! ولا حتى كيفية التعامل مع استيراد المواد الغذائية الأساسية والدواء، أو كيف سيكون سعر الدولار في الموازنة العامة للدولة، والمؤسسات التعليمية وغيرها التي تتعامل بالدولار في مصر.
  • مع دوله تستورد كثيرًا وتعتمد على الدولار قد يؤدي القرار لزيادة نسبة البطالة وانخفاض حاد في مستوى المعيشة وغير ذلك من الظواهر الاجتماعية المرتبطة بالاقتصاد، خاصة في ظل وجود فوضى في الحد الأدنى للأجور في مصر.
  • أما الجوانب الإيجابية لزيادة سعر صرف الدولار، فهي أنه أصبح هناك بيئة جذابة للاستثمار الأجنبي لكنها تحتاج إلى تشجيع من خلال تسهيل الإجراءات وسن القوانين. كما يمكن أن تكون مصر ملتقى سياحيا عالميًا، لكن هذا مرتبط بمدى استقرار الحالة الأمنية.
  • يرى الكثيرون أن قرض صندوق النقد الدولي[3] البالغ حوالي 12 مليار دولار خطوة هامة للاقتصاد المصري، لكن لا يمكن إغفال الدور السلبي لصندوق النقد الدولي في العديد من اقتصاديات الدول النامية والتي كان سببًا في فشل اقتصاديات الكثير منها ولم يحدث أن حققت دولة نامية تقدما اقتصاديا في ظل توصيات صندوق النقد الدولي، كما يمكننا القول أن القروض تُشكِّل عبئًا على الأجيال القادمة، وتؤثر على جودة توزيع الاستخدامات في الموازنة العامة للدولة فكلما زادت المصروفات على الديون وفوائدها قل الصرف على المصروفات الأخرى كالتعليم والصحة والدفاع وغيرها.

بالتالي، يمكن القول أن الحكومة قد اتخذت عدة إجراءات اقتصادية لكن ليس في إطار خطة استراتيجية كاملة بل تتعامل بالقطعة في ملف غاية في الخطورة، فالاقتصاد المصري يمر بأسوأ حالاته الآن، وإن كانت هناك فرصة كبيرة للنمو في المستقبل.

كيف يمكن التحكم في سعر الدولار في مصر؟

يمكن تقسيم الحلول إلى حلول سريعة وحلول استراتيجية على المدى الطويل، ويكون تطبيق التحكم في سعر الدولار عن طريق “البنك المركزي المصري” فهو بنك الحكومة وهو المسؤول الأول عن تحقيق الأمن الاقتصادي وإدارة النقود في مصر بالتعاون مع مجموعة الوزارات الاقتصادية في مجلس الوزراء.

  • وضع خطط عاجلة لزيادة الصادرات لجلب مزيد من التدفقات النقدية من الدولار، حيث تُصدِّر مصر بما يقرب من 21 مليار دولار في عام 2015[4] وفقًا لجهات حكومية، وذلك من خلال إطلاق مجموعة من البرامج للتصدير بأسرع وقت ممكن، مع الإسراع في حل مشكلات المستثمرين عبر قنوات وزارة الاستثمار والغرف التجارية وجمعيات المستثمرين، وضرورة فتح أسواق جديدة وخصوصًا في القارة الإفريقية.

 التجارة الخارجية وفقا للتوزيع الجغرافي

وفقًا للرسم البياني الصادر من تقرير البنك المركزي المصري عن شهر نوفمبر 2016 هناك فجوة كبيرة بين الصادرات والواردات كما أن التجارة مع الدول الإفريقية ضئيلة للغاية.

  • العمل على عودة قطاع السياحة بسرعة، من خلال خطط قصيرة الأجل تتضمن التفاوض من أجل رفع الحظر المفروض من قِبل العديد من الدول الأوروبية، ووضع حملات تسويقية مكثفة للسياحة المصرية، مع وضع خطط استراتيجية طويلة لإنعاش السياحة وفتح أسواق سياحية جديدة في العالم، والاهتمام بمناطق الجذب السياحي في مصر، والعمل على تنمية سياحة تنظيم الفعاليات الرياضية والسياسية وغيرها.
  • زيادة عائدات قناة السويس عبر إقامة مشروعات لوجيستية وسياحية وصناعية بطول قناة السويس, مع الأخذ في الاعتبار الإسراع في مشروع تنمية محور قناة السويس .
  • لابد من اتباع برنامج عاجل لإحلال الصادرات محل الواردات بطريقه لا تخل باتفاقية منظمة التجارة العالمية والاتفاقيات الدولية التي وقعتها مصر، وخصوصًا السلع الاستراتيجية والتي يعلم الاقتصاديون أنها لا تخضع لقوانين العرض والطلب المتعارف عليها بل تخضع لشروط وضغوط سياسية في كثير من الأحيان .

التجارة الخارجية وفقا للمجموعات السلعية

حيث تتمثل المشكلة الرئيسية في أن مصر تستورد بصورة كبيرة المواد الغذائية والبترول وفقًا لتقرير البنك المركزي[5] في نوفمبر 2016

  • تشجيع ريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة وخصوصًا في مجال التصدير، فإطلاق المشروعات الصغيرة يساهم في حل مشكلة البطالة، ويزيد من حصيلة الدولة من الضرائب.
  • الحد من واردات السلع الكمالية لتوفير الدولار من أجل الحصول على السلع الأساسية ومستلزمات الصناعة المحلية، ويمكن القول أن هناك تحسن في الصادرات السلعية تامة الصنع في عام 2016 ولكنه يبقي غير كاف.

الصادرات السلعية حسب درجة التصنيع

  • كما يجب تغير قيادات صنع القرار الفني في البنك المركزي والتي فشلت في إدارة الأزمة من أجل إعطاء انطباع التغير في حل أزمة الدولار؛ لأن سوق العملات يتأثر بالشائعات.
  • مراجعة عقود اكتشاف البترول والذهب والثروات الطبيعية التي تعطي المستثمر أقصى استفادة على حساب حقوق الدولة والتي من الممكن أن تضخ دولارات في السوق المصرية.

كيف يمكن علاج عجز الموازنة العامة؟

يمكن القول أن علاج عجز الموازنة العامة للدولة يمكن حله عن طريق وضع العديد من القوانين واتخاذ عدة إجراءات اقتصادية، منها على سبيل المثال:

  • تفعيل قانون منع التهرب الضريبي، بحيث يتم تقليل نسبة فرض الضرائب وزيادة الوعاء الضريبي، وبذلك نضمن زيادة إيرادات الموازنة العامة للدولة.
  • تشكيل لجنة لإصدار قانون لهيكلة ( هيئة النقل العام – مترو الأنفاق – جميع المزارات والأماكن السياحية ).
  • العمل علي تشكيل لجنة تصالح وتحصيل غرامات للتصالح مع المتهربين من دفع المرافق، مثل: الكهرباء والمياه.
  • الاهتمام بالاقتصاد غير الرسمي والمصانع العشوائية وإدخالها في منظومة الاقتصاد الرسمي؛ لأن هذا قطاع كبير ولا يقوم بسداد أي رسوم أو ضرائب للدولة.

في النهاية يمتلك الاقتصاد المصري كل مقومات النجاح والنمو الاقتصادي، ولكن يبقي الفساد أهم عائق من عوائق التنمية الاقتصادية الناجحة في مصر.

[1]http://arabic.cnn.com/business/2016/11/05/egypt-world-bank-economic-reforms

[2]http://www.bbc.com/arabic/interactivity/2016/07/160727_comments_egypt_finance_crisis

[3]https://www.imf.org/external/arabic/country/egy/egyptfaqa.htm#one

[4]http://www.youm7.com/story/2016/6/22/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AD%D8%B5%D8%A7%D8%A1-%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%B5%D8%B1-195-%D9%85%D9%84%D9%8A%D8%A7%D8%B1-%D8%AC%D9%86%D9%8A%D9%87-%D9%81%D9%89-2015-%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%A8%D9%84-568/2771649

[5]التقرير الكامل http://www.cbe.org.eg/ar/EconomicResearch/Publications/Pages/MonthlyStatisticaclBulletin.aspx

 

تعليق واحد

  1. مقال محترم .. لكن
    القرار لا يزال فى أيدي فئة من المسئولين لا تفقه إلا لغة أنا اقول وانت تنفذ ( وللامانة العلمية . هذا ما يطلبه المستمعون وما يصلح مع هذا الشعب المتدني تعليمياً )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى