الاقتصاد النقدي

على أنقاض نظام المقايضة | بداية ظهور العملات المعدنية

ما بعد المقايضة – ما قبل العملات المعدنية

بعد المشاكل الكبيرة التي خلّفها استعمال السلع الوسيطة وتحت تأثير زيادة حجم التبادلات بتوسع وتطور التجمعات البشرية، لم يجد الإنسان بُدًا من البحث عن حل ناجح لحل هذه المشكلة، وكان الحل العبقري هو استخدام المعادن. فقد اكتشف الإنسان العديد من المعادن الزهيدة، مثل: الحديد، النيكل، النحاس، فلم يجد أفضل منها لاستخدامها كوسيلة للتبادل، لكن ما سبب هذا الاختيار؟ نستطيع أن نذكر عددًا من الأسباب الوجيهة:

  • سهولة تجزئتها إلى أجزاء صغيرة وتشكيلها في الشكل والحجم المناسبين عن طريق صهرها، ويجدر بنا الذكر أن الفرس هم أول من استخدم الأقراص المعدنية في القرن الثامن عشر قبل الميلاد
  • احتفاظها بالقيمة لصعوبة تلفها، مثل: المواد العضوية التي كانت تستخدم كسلع وسيطة مما سهل عملية تخزينها لوقت طويل مع احتفاظها بقيمتها.
  • صغر حجمها وكبر قيمتها الذاتية بالمقارنة بالسلع والمواد الأخرى التي تم استخدامها قبلًا؛ مما جعلها سهلة النقل والحمل.

وبذلك أصبحت هذه المعادن هي السائدة في المجتمعات ولاقت قبولًا واسعًا بين الأفراد، ثم انتشرت بين التجار كوسيلة تبادل وذلك لسبب رئيسي؛ وهو أنها تتمتع بقيمة ذاتية متمثلة في ندرتها الاقتصادية، فالشخص الذي يقبلها كوسيط للتبادل مقابل السلعة التي يبيعها يكون واثقًا في قبول باقي أفراد المجتمع للمعدن كمقابل لسلعهم. وهكذا يتناقل الناس هذا المعدن كوسيط للتبادل وقد قبلوا به لقيمته وخصائصه التي ذكرناها سابقًا. ولكن مع ذلك، فقد كانت المقايضة تستخدم في بعض المجتمعات وقتها، ولكن على مستوى ضيق جدًا إلى أن اختفت تمامًا و تم استبدالها بالمعادن لما فيها من الفائدة.

ولكن !

مشاكل العملات المعدنية 

لكن هذه القيمة التي تمتعت بها هذه المعادن دفعت العديد من الناس إلى تقليدها؛ بغرض الحصول على ما يحتاجونه من إنتاج الآخرين من سلع وخدمات دون مشاركة عادلة في الإنتاج، وأهم سبب سهلّ عملية تقليد النقود المعدنية الزهيدة هو وفرتها في الطبيعة مما جعل الحصول عليها قليل التكلفة نسبيًا…
فيمكن استخراجها وإيجادها بسهولة ولا داعي للمكوث أشهرًا للحصول على معدن معين منها. وقد أثر هذا التزوير على النشاط الاقتصادي بشكل سيء؛ بأن جعل بعض الأفراد في رغد على حساب باقي الأفراد ممن يعملون وينتجون بالفعل من أجل الحصول على مقابل. ونتيجة لهذا، فقد سعى الإنسان إلى إيجاد حل بعيد يقضى على التزوير أو يقلله على أقصى حد ممكن.

الحل الأنجع

نتيجة العيب الكبير الذي ظهر في وسيلة التبادل الجديدة، سعى الإنسان للتعامل بوسيلة تبادل أفضل يتفادى بها التزوير والتزييف الذي حدث مع المعادن الزهيدة. لعلك استطعت تخمين الحل، نعم إنه الذهب والفضة. بكل بساطة، هي معادن جديدة تتميز بنفس المميزات السابقة بالإضافة إلى تفوقهما على باقي المعادن في المواصفات وتلافي أغلب عيوبها، أما عن أهم مميزات الذهب والفضة فهي أنهما:
– من أندر المعادن في الطبيعة، مما يجعل قيمتهما الذاتية مرتفعة؛ لاستعمالهما كزينة ورمزًا للثراء والمكانة.
– عدم تعرضهما للتلف أو الهلاك وعدم قابليتهما للصدأ.
– سهولة تمييزهما والتعرف عليهما؛ نظرًا لتمتعهم بلون وملمس وبريق ورنين خاصين مما يصعب عملية تزويرهما.
– سهولة نقلهما وخفة وزنهما مقارنة مع المعادن الأخرى.
كذلك تتميز الكمية المعروضة من الذهب والفضة بالثبات على المدى القصير والمتوسط؛ لأنها من جهة معادن نادرة، ومن جهة أخرى فإن البحث والتنقيب عليهما يحتاج إلى وقتٍ ومجهودٍ كبيرين. هكذا دفعت المميزات الكبيرة للذهب والفضة البشرَ إلى استخدامهما كوسيط تبادلي اتفق عليه الجميع من كل الأعراق و الثقافات، ومع ظهور الدول بشكلها الحديث، بدأت عملية ترسيم و تقنين استخدامها.

متى و كيف؟ هذا ما سنعرفه في المقالات اللاحقة.

أحمد شريف محمد

أحمد شريف محمد - عضو فريق المحتوى التعليمي : حاصل علي بكالريوس تجارة جامعة الأسكندرية - مصر ويعمل حاليا فى الترجمة كمستقل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى