تطرقنا في المقال السابق عن البورصة، إلى العامل الأول الذي ينتبه المستثمرون عندما يقررون الإستثمار في سهم معين – و الأمر نفسه ينطبق على الإستثمارات خارج البورصة – هو العائد المتوقع. فنسبة الربح المتوقع تحقيقها عند شراء سهم أمر مهم جدا لكن هناك عامل آخر لا يقل عنه أهمية و هو نسبة المخاطرة في البورصة أو كما يطلق عليه الاقتصاديون.
معدل الخطر
الخطر هو شدة التقلبات التى يمكن أن تحدث لأسعار الأسهم في المستقبل. فإذا كانت هذه التقلبات كبيرة؛ فيمكن لسعر السهم أن يرتفع أو ينخفض بشكل كبير، وهنا المخاطرة؛ فقد يخسر السهم جزءًا كبيرًا من قيمته.
أما إذا كانت هدة التقلبات الممكنة صغيرة، فيمكن لسعر السهم أن يرتفع أو ينخفض قليلًا، و الواضح هنا أنه في هذه الحالة المخاطرة ضعيفة، فالخسارة المحتملة صغيرة إذا حدثت.
و تعتبر الأسهم هي أكثر الأوراق المالية خطرًا؛ نظرًا لما ذكرناه من قبل من تقلبات الأسعار وإمكانية إحجام الشركات المصدرة عن توزيع الأرباح.
و ينقسم الخطر لنوعين رئيسيين :
مخاطر السوق
وهي المخاطر التى تحيط بكل الأسهم الموجودة بالسوق مثل مخاطر الكساد والتضخم والسياسات النقدية و المالية للحكومات كتغير سعر الفائدة أو فرض ضرائب جديدة من عدمه قد يدفع سوق الأسهم للانتعاش أو الانخفاض ، كما أن التغيرات السياسية كالثورات تعتبر من مخاطر السوق .
ونستطيع قياس هذه الأخطار من خلال قراءة مؤشر البورصة وحركة صعوده وهبوطه. لكن ما هو مؤشر البورصة؟.
فمؤشر البورصة: هو عبارة عن تجمع لعدد من أسهم البورصة النشطة فى مجموعة تخيلية، حيث تتغير قيمة المؤشر حسب نشاط أسهم المجموعة في السوق.
و توضع قيمة لهذا المؤشر على شكل نقاط، ومن خلال زيادة عدد النقاط أو انخفاضها يمكن الحكم على السوق ارتفاعا أو انخفاضا .
مثال:
تخيل أن لديك سوقا تحوى 100 سهم منهم 20 سهمًا فقط يمثلون 80 % من حجم تعامل المستثمرين (أي أن العشرين سهما هم أكثر الأسهم تداولا في البورصة) فيتم وضع هذه الـ 20 سهمًا فى مجموعة تخيلية بنسب مختلفةم وفقا لتأثير كل سهم فى السوق فهذا السهم 20% وهذا الآخر40% وذاك 6% وهكذا، ويتم تدشين المؤشر بعدد نقاط و ليكن 1000 نقطة.
فارتفاع أو انخفاض قيمة هذه الأسهم الـ 20 هو الذي يغير عدد النقاط ارتفاعا أو انخفاضا حسب نسبتها في المؤشر، فإذا ارتفعت قيمة هذه الأسهم ترتفع قيمة المؤشر و العكس صحيح.
وبالتالي فمن خلال ارتفاع عدد نقاط المؤشر أو انخفاضها يمكنك الحكم على السوق كله )المكون من 100 سهم(.
و لعل أشهر المؤشرات التى تسمع عنها عندما تشاهد النشرات الاقتصادية مؤشر NASADAQ وهو مؤشر مكون من 3000 شركة تعمل فى مجال التكنولوجيا مثل أبل وجوجل وميكروسوفت وإنتل .
و يختلف ارتباط الأسهم بالسوق من سهم لآخر؛ فهناك أسهم تتأثر أسعارها بشكل أكبر من السوق ارتفاعا وهبوطا، وأخرى مساويا للسوق في مقدار التغير، وأخرى أقل من السوق .
خطر السهم
وهذا الأمر متعلق مباشرة بالشركة المصدرة للسهم كحجم الخطر المتعلق بنشاط الشركة أو الأنشطة المرتبطة بها، فمثلًا: معدل الخطر فى شركات التنقيب عن الفحم أعلى من معدل خطر الشركات التى تمتلك سلاسل تجارية، ونجد أن شركات النقل الجوى والبرى والبحرى تتأثر بأسعار النفط، وكذلك خطر تغير أسعار العملات الذي يؤثر على أنشطة الاستيراد والتصدير للشركة، وخطر الائتمان يتعلق من ناحية بحجم الديون على الشركة مقابل رأس مالها ومن ناحية أخرى بمدى قدرة الشركة على تحصيل مديونيات عملائها .
و خطر السهم تحديدًا يمكن تفاديه من خلال نظرية “لا تضع البيض كله فى سلة واحدة ” أو ما يعرف فى سوق الأسهم بتنويع المحفظة.
غاتذكر قديما كيف كانت جدتك تعطيك النقود وتطلب منك شراء احتياجات للمنزل فكانت تطلب منك ألا تضع النقود كلها فى جيب واحد؛ خشية إذا ما ضاعت أو سرقت من جيب لا تضيع كلها .
بنفس المبدأ ترى كثيرا من المستثمرين يضعون رؤوس أموالهم في مشاريع مختلفة حتى إذا ما أضير أحدهم و خسر لا يخسر كافة استثماراته وهذا عملا بالمثل القائل: “لا تضع البيض كله فى سلة واحدة” .
أما فى سوق الأسهم فيعرف جميع المستثمرين هذا المصطلح بتنويع المحفظة ، ومحفظة الأسهم أو سلة الأسهم هي عدد الشركات التى قام المستثمر بشراء أسهم فيها.
وتنويع المحفظة يخضع لقاعدتين هامتين :-
- الأولى: كيفية اختيار الأسهم المستثمر فيها؛ فيجب عليك التدقيق عند اختيار المحفظة باختيار أسهم لا تؤثر فى بعضها البعض ويخضع ذلك إلى معامل ارتباط كل سهم بالآخر داخل هذه المحفظة، و يرجع اختلاف معامل الارتباط إلى مدى ارتباط الشركتين مثل: النشاط أو الصناعة التى تعمل بها كل منهما، الإدارة بكل شركة من الشركتين، أن تكون احدهما لها علاقة تربطها بالشركة الأخرى كمورد لسلعة أو عميل .
فليس من المنطقي أن تحوى المحفظة أسهمًا لشركات تعمل جميعًا في مجال الاستثمار العقاري فإذا ما أضير هذا القطاع خسرت جميع أسهم المحفظة. أو أن تحوى المحفظة شركة سيارات والشركة التى تورد لها خامات الحديد المطلوبة للصناعة، فإذا أضيرت الشركة الموردة للحديد؛ خسرت أسهم الشركتين .
- الثانية: هي عدد أسهم المحفظة، والحقيقة أنه لا يوجد حد أقصى أو أدني لعدد الأسهم، لكن ينصح دائما الخبراء بأن العدد الأمثل للأسهم بكل محفظة من 10 إلى 20 شركة؛ لأن الزيادة أكثر من ذلك قد تؤدي إلى ضياع أرباح المحفظة في عمولات البيع والشراء المدفوعة لشركات السمسرة لكل عملية.
وتنويع المحفظة غرضه الأساسي تفادى مخاطر انخفاض سعر سهم بشراء سهم لا يتأثر بانخفاض الأول؛ مما يمكنك من تحقيق أرباح أو تقليل الخسائر الناتجة عن انخفاض سعر السهم المستثمر فيه.
وأخيرا يجذر بنا ذكر اختلاف المستثمرين من حيث التعامل مع معدل العائد ومعدل الخطر، فهناك ثلاثة أنواع من المستثمرين.
- مستثمر يتجنب الخطر فهو دائم البحث عن الشركات ذات نسبة الخطر الأقل دون أن يتطرق إلى معدل العائد المتوقع من سهم الشركة؛ وهي الفئة الغالبة من المتعاملين فى سوق الأسهم.
- مستثمر باحث عن العائد المتوقع الأعلى دون أن تنظر عينيه لنسبة الخطر المحيطة بالسهم؛ وهذا المستثمر محايد للخطر فيقصي الخطر جانبا.
- مستثمر باحث عن الخطر فهو دائم الشراء في الشركات ذات نسبة الخطر الأكبر ظنًا منه أن الخطر الأكبر قد يجنى عائد أكبر .
لا أعرف أي نوع من هؤلاء المستثمرين أنت، لكني أتركك الآن وقد وضعت نظارتك جانبًا و خلعت ساعتك و ألقيت المقال من يديك تفكر كم ستضع من استثمارك في البورصة؟ وفي أي أسهم؟ وما هو حجم أسهم محفظتك؟ وما عددهم؟ .
لكن حديثنا عن الأوراق المالية لم ينتهِ فهناك ورقة مالية هامة أخرى بجوار الأسهم؛ هي السندات ما هي؟ وما هي الأسواق التي تروج بها؟ وكيف يتم التعامل عليها؟
كل هذا فى مقالنا القادم بإذن الله.