الاقتصاد ببساطةالأسواق المالية

السندات | الديون الأنيقة

البورصة، ذلك المكان المكتظ بالناس المليء بالضجيج، ذلك المكان الذي يقصده كل من أراد مكسبا دون الاضطرار إلى بناء مصنع أو إنتاج سلعة، فيكون الحل الأنجح هو؛ الاستثمار في الأوراق المالية

تحدثنا باستفاضة في المقالات السابقة عن أهم الأوراق المالية؛ وهي الأسهم، عرّفناها ووضحنا طريقة الاستثمار فيها، لكن السهم ليس الورقة الوحيدة التي يتم تداولها في البورصة، فهناك ورقة أخرى تحتل أهمية كبيرة في الاقتصاديات المعاصرة؛ وهي السندات.

تعريف السند

سبق أن أشرنا في المقال السابق أن السند هو ورقة مالية تمثل جزءًا من دَين على المُصدّر (حكومة أو شركة) حينما طلبت الاستدانة من العامة، حيث  يتمتع حامل السند بعائد دوري كنسبة من قيمته بغض النظر عن تحقيق المُصدر أرباحًا من عدمه، لكنه لا يتمتع بحق التصويت على قرارات الجمعية العمومية في الشركات، وبإمكانه أن يسترد  قيمة السند حال انتهاء عمر السند.

مثال :
اشتريت سندا ثمنه 1000 دولار وعمره 10 سنوات بنسبة فائدة سنوية 10%
فماذا يعني ذلك؟ يعني؛ أنك في نهاية كل عام سيدفع لك مصدر السند نسبة الفائدة أي 100 دولار. وفي نهاية عمر السند (العشر سنوات) ستسترد قيمة السند كاملة أي الـ 1000 دولار.

مفاهيم أساسية

القيمة 

 كما عرفت أن للسهم قيمتين فإننا سوف نتعرض لقيمتين أيضا للسند:

  • قيمة اسمية؛ وهي القيمة المكتوبة على السند، والتي يتم احتساب العائد الدوري وفقا لها، وهي أيضا القيمة التي يستردها حامل السند من المُصدر حال انتهاء عمر السند.
  • قيمة الإصدار؛ وهي القيمة الفعلية التي يدفعها حامل السند لشرائه، وغالبا  ما تكون أقل من القيمة المستردة.

أي أنه بإمكانك شراء سندٍ قيمته 1000 دولار (القيمة الاسمية) ب950 دولارا فقط  (قيمة الإصدار) هنا قد اشتريت السند بسعر أقل من قيمته الاسمية.
كما يمكن للعكس أن يحصل، فقد تشتري سند 1000 دولار بـ 1100 دولار، أي بسعر أعلى من قيمته الاسمية.

ما سبب وجود فرق في السعر إذن؟
ببساطة، تتم مقارنة نسبة الفائدة في السند بنسبة الفائدة السائدة في السوق؛ فإذا كانت نسبة الفائدة في السوق أكبر من نسبة الفائدة على السند؛ تكون قيمة الإصدار أقل من القيمة الاسمية، لأن مصدر السند يحاول جذب الناس لإقراضه هو عوضًا عن وضع نقودهم بالبنك.
أما إذا كانت نسبة الفائدة في السوق أقل من نسبة الفائدة على السند؛ فإن قيمة الإصدار تكون أكبر من القيمة الاسمية؛ لأن الشركة يمكنها أن تقترض من البنك عوضًا عن إصدار السند، فتلجأ إلى رفع قيمة السند لتعويض الفرق.
وهذا مثال بسيط على كل الحالات التي يمكن أن تكون عليها قيمة الإصدار

نسبة الفائدة لسائدة في السوق نسبة الفائدة على السند قيمة الإصدار
10% 8% أقل من القيمة الاسمية
10% 10% تساوي القيمة الاسمية
10% 12% أكبر من القيمة الاسمية

معدل العائد

وهو نسبة ثابتة من القيمة الاسمية للسند يحصل عليها حامل السند بشكل دوري.

عمر السند

السند محدد المدة عكس السهم؛ فالسهم قائم طالما الشركة قائمة لكن السند  له عمر ينتهي عنده السند ويسترد حامله قيمته من المصدر.

ماذا ستستفيد الشركة بإصدارها السند؟

قد عرفت الآن أن السند هو دين على الشركة، فلماذا إذن تلجأ الشركات لإصداره؟

لا ترغب الشركات الكبرى في تدخل الممولين في إدارة الشركة و اتخاذ أي قرارات؛ لذا تلجأ إلى تمويل احتياجاتها من خلال السندات؛ فالسند كما علمت لا يعطى أي حقٍ لحامله بالتصويت على قرارات الجمعية العمومية للشركة الذي هو حق أصيل لأصحاب الأسهم العادية.
من الطبيعي أن العائد المتوقع من مشترى السند الذي على علم ب،ه عائد ثابت أقل بكثير من العائد المتوقع من المُساهم الذي قد تحقق شركته أرباحًا وقد لا تفعل، أو قد لا توزع الأرباح المحققة.

هناك ميزة أخرى للشركات المُصدرة للسندات فالفوائد المدفوعة للسندات هي مصاريف تخصم قبل احتساب الأرباح الخاضعة للضريبة، عكس توزيع الأرباح على المساهمين الذي يتم بعد دفع الضرائب.
و مع ذلك فإن الافتراض عن طريق إصدار السندات قد يعرض الشركة إلى الدخول في مشكلات تتعلق بالسيولة؛ حيث أن الفوائد المقررة على السندات ملزمة الدفع بعكس أرباح الأسهم التي قد يتم توزيعها أو لا.

ماذا ستستفيد أنت من اصدار السند؟

إن كانت الشركات تجد من الأسباب ما يدفعها لتمويل احتياجاتها من خلال السندات؛ فما هو الدافع لديك أنت لتستثمر فيها ؟
و بعيدا عن مدى مشروعية السند وموافقته للشريعة الإسلامية من عدمه، فالسند له مزايا متعددة لحامله؛ منها:

مالك السند وإن اهتم بالموقف المالي للشركة لقياس مدى قدرتها على الوفاء بالعائد الخاص به دوريًا إلا انه لا يُنتظر من الشركة تحقيق أرباح فالعائد لا يرتبط بتحقيق أرباح من عدمه أو من توزيع هذه الأرباح.
مالك السند من الدائنين للشركة والذي تأتي أولوية حقه في الحصول على أمواله في المرتبة الثالثة بعد الجهات الحكومية والموظفين حال إفلاس الشركة.

أنواع السندات

السندات العادية

سندات تصدرها الشركات بمعدل عائد ثابت دوري سنوي أو نصف سنوي وتكون غير مضمونة بأصول وتعتمد فقط على سمعة الشركة المالية وبالطبع يكون معدل العائد فيه أعلى من السندات المضمونة بأصول أو سندات الرهن العقاري.

أذون الخزانة

هي سندات تصدرها الحكومات يتمتع بقصر عمره 90 يومًا، 180 يومًا، 270 يومًا ويشتريه المستثمر بخصم على قيمته على أن يسترد مشتري السند قيمة السند بالكامل في نهاية المدة.
مثلًا: أصدرت الحكومة السند بمبلغ 1000 $ وتبيعه للمشترين بقيمة 900 $ لكن في نهاية عمر السند يسترد حامل السند قيمة السند كاملة 1000 $.

سندات الخزينة

وهي سندات تصدرها الحكومات وتنقسم إلى سندات أعمارها تتراوح من سنة واحدة إلى عشرة سنوات وأخرى أكبر من عشر سنوات وتكون بعائد سنوي أو نصف سنوي، وطبيعي كلما زاد عمر السند زاد معدل العائد الدوري؛ فلو أصدرت الحكومة سندات خزانة بقيمة 1000 $ للسند وبمعدل عائد 5 % سنوي فإن حامل السند يشتريه في البداية بمبلغ 1000 $ ثم يحصل على عائد قدره 50 $ سنويا وفي انتهاء عمر السند يسترد حامله كامل قيمة السند مبلغ 1000 $.
أما لو أصدرت الحكومة سندات خزانة بقيمة 1000 $ للسند وبمعدل عائد 6 % نصف سنوي فإن حامل السند يشتريه في البداية بمبلغ 1000 $ ثم يحصل على عائد قدره 30 $ كل ستة أشهر وعند انتهاء عمر السند يسترد حامله كامل قيمة السند مبلغ 1000 $.

سندات مغطاة بضمان أصول

 أما هذا النوع تصدره الشركات  بضمان أصول معينة تمتلكها الشركة، وهنا لا يحق للشركة بيع هذه الأصول خلال عمر السند، وتضمن للدائنين المحافظة على الأصول بحالة جيدة خلال عمر السند.

سندات الرهن العقاري

 تصدرها شركات الاستثمار العقاري بضمان ما لديها من أقساط على الوحدات المباعة لعملائها.

الصكوك

 تصدرها الحكومات أو الولايات (الجهات في دولة كالمغرب، والمحافظات في دولة كمصر) على خلاف الأنواع السابقة فهذا النوع في العادة لا يصدر لتمويل عجز بالموازنة تواجهه الدولة ولكن يكون بغرض إنشاء مشروعات كبيرة؛ مثل: المطارات والطرق وهذا النوع يتميز بأنه بدون معدل عائد، لكن تقوم الحكومة بصرف عائد لحامله من خلال إيرادات المشروع المزمع إنشائه بل إن من مميزاته في بعض الولايات بأمريكا أنه يعفي صاحبه من دفع الضرائب الفيدرالية ورغم أن هذا النوع يقترب أكثر من شريعتنا الإسلامية إلا أننا لا نجد هذا النوع موجود في بلادنا الإسلامية بشكل كبير.

سندات ذات الدخل أو سندات المشاركة

 سندات تصدرها الشركات، لكن لا تعطي عائدًا لحامل السند إلا من خلال أرباح الشركة.

أنواع السندات والجهات المصدرة لها
أنواع السندات والجهات المصدرة لها

تقييم السند

في الحقيقة، إن تقييم السند يختلف عن قيمته، فالتقييم تقوم به شركات عالمية أشهرهم  Moody و S&P وتقييم الشركتين يكون للدول والشركات على حد سواء؛ وهو ما يعرف بالتصنيف الائتماني وغالبًا ما يكون التقييم على النحو التالي:

 AAA – AA  – A  – BBB – BB –  B – CCC – CC – C

ويكون تقييم السندات وفقا طبعا لتقييم المُصدر، والسندات ذات التقييم المنخفض عن A  تسمى سندات رديئة.
وتوجد بعض القوانين الملزمة للاستثمار في السندات وفقا لتقييمها؛ فالبنوك وشركات التأمين لا تستطيع أن تستثمر في سندان أقل من AA .

معدل الخطر

تعتبر السندات جميعها أقل خطرًا من الأسهم لسببين تم ذكرهم من قبل الأول أنها ذات عائد دوري بغض النظر عن قرار الشركة بتوزيع أرباح من عدمه.
والثاني: أن حاملها صاحب أولوية عن حامل السهم في استرداد حقوقه حال إفلاس الشركة.

و الترتيب السابق للسندات مرتب من الأقل خطورة للأكبر؛ فالسندات الحكومية أقل خطورة من سندات الشركات، والسندات المضمونة أقل خطرًا من السندات الغير مغطاة بأصول، والسندات ذات العائد الدوري الثابت أقل خطرا من السندات التي تعتمد على الأرباح، والسندات قصيرة الأجل أقل خطرا من الطويلة الأجل.

علاقات مهمة

معدل العائد وعمر السند

كلما زاد عمر السند كلما زاد معدل العائد.
فإذا كان السند صاحب عمر السنة أو السنتين بمعدل عائد 6% فإن السند صاحب العشر سنوات قد يصل إلى 12%

معدل العائد والضمانات

السندات المضمونة بأصولٍ أو سند رهن عقاري تتمتع بمعدل العائد منخفض مقارنة بالسندات غير المضمونة.

معدل العائد وتقييم السند

كلما ارتفع تقييم السند قل معدل العائد عليه؛ فالسند صاحب التقييم AAA  معدل العائد عليه أقل بكثير من السندات صاحبة التقييم CCC  .

معدل العائد وسعر الفائدة السائد بالسوق وأثره في قيمة السند

مع تعيير سعر الفائدة السائد في السوق قد يختلف هذا السعر عن معدل عائد السند خلال عمره، وتوجد لدينا 3 حالات :-
– إذا قلَ سعر الفائدة السائد في السوق عن معدل عائد السند؛ فإن السند ترتفع قيمته ويباع بقيمة أعلى تسمى: علاوة  السند.

فمثلًا: سند قيمته 1000 $ بمعدل عائد 8% وسعر الفائدة السائد في السوق 6% فإن السند يباع بمبلغ 1050 $
و قد تلجأ الشركات إذا قل سعر الفائدة السائد في السوق عن معدل عائد السند إلى شراء هذه السندات قبل انتهاء عمرها وإعادة إصدارها بمعدل عائد أقل.

– إذا ارتفع سعر الفائدة السائد في السوق عن معدل عائد السند؛ فإن السند تقل قيمته ويباع بقيمة أعلى تسمى: خصم السند .

فمثلًا سند قيمته 1000 $ بمعدل عائد 6% وسعر الفائدة السائد في السوق 8% فإن السند يباع بمبلغ 950 $

– إذا تساوى سعر الفائدة السائد في السوق ومعدل عائد السند؛ فإن السند يباع بقيمته.

خلاصة: الفرق بين السهم والسند

الآن وقد عرفت أهم الأوراق المالية المتداولة في البورصة، يمكنك الاستعانة بالجدول التالي لفهم أكبر للفروق بين السهم والسند، وإلى اللقاء في مقال قادم بإذن الله.

الفرق بين السهم والسند وأوجه المقارنة
الفرق بين السهم والسند وأوجه المقارنة

هيثم عزت

هيثم عزت - ﻋﻀﻮ ﻓﺮﻳﻖ ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻰ : ﺣﺎﺻل ﻋﻠﻰ ﺩﺭﺟﺔ ﺍﻹﺟﺎﺯﺓ "ﺍﻟﺒﻜﺎﻟﻮﺭﻳﻮﺱ" ﻓﻲ ﺍلتجارة ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍلقاهرة - ﻣﺼﺮ، خبرة عملية 17 عام ﻭيحضر حاليا للحصول على شهادة CMA

المقالات المتعلقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى