الاقتصاد ببساطةالسياسة الاقتصادية

الموازنة العامة للدولة | كيف تُعَد؟ وما هي مكوناتها؟

الموازنــــة..

كلنا نعلم أن لكل شخص منا متطلبات لا يستطيع أن يعيش بدونها، وبالتالي يحتاج إلى مصادر دخل ليشبع هذه المتطلبات (كالمأكل، والملبس، والمسكن، والتعليم، والصحة …إلخ)
فعلى سبيل المثال أعرف شخصًا  ما يعمل محاسبًا في إحدى الشركات، يحصل على المال من خلال مرتبه  فقط وهذا هو أساس دخله، ويملك شقة يؤجرها ويحصل شهريًا على قيمة إيجارها، وهذا الإيجار يعد دخلًا إضافيًا؛ فدخل هذا الشخص هو عبارة عن مرتبه زائد الإيجار، وبعد ما يحصل على هذا الدخل في نهاية كل شهر يبدأ في تقسيمه على مصروفاته المعتادة (كاحتياجات أسرته الأساسية، ومصروفات مدرسة أطفاله، والأمور الترفيهية …إلخ)

حديثنا اليوم عن شيء هام في اقتصاديات الدول؛ ألا وهو الموازنة العامة للدولة، وقبل الاسترسال في الحديث سأقص عليك حكاية شخص أعرفه.
لكن ما علاقة قصة هذا الرجل بموضوع الموازنة العامة للدولة؟

بمنتهى البساطة ما يفعله هذا الرجل شهريًا هو نفس ما تقوم به الدولة سنويًا؛ فهو لديه دخل شهري معين وفي نفس الوقت لديه مصروفات شهرية تتحدد على أساس ما لديه من دخل، بمعنى آخر لديه ميزانيته الخاصة, كذلك الحكومة لديها موازنة تضع فيها دخلها ومصروفاتها السنوية.

وبناء على المثال السابق ذكره يمكننا وضع تعريف مبسط لموازنة الدولة:  وهي عبارة عن تقديرات مفصلة تقوم بها الحكومة, بناءً على ما لديها من إحصاءات ومعلومات, لكلًا من إيراداتها ومصروفاتها خلال فترة معينة من الزمن عادة ما تكون سنة, تعرف بالسنة المالية”, وكما أن ذلك المحاسب يمتلك أكثر من مصدر للدخل وعدة جهات لإنفاق هذا الدخل فالحكومة كذلك تمتلك عدة مصادر للدخل وعدة مصارف لهذا الدخل.

فصديقنا المحاسب مصدره الأساسي للدخل هو مرتبه ولديه مصدر ثانوي وهو إيجار الشقة التي يمتلكها، وفي المقابل لديه التزامات مختلفة منها الضروري ومنها ما هو دون ذلك, كذلك الحكومة لديها مصدر أساسي للإيرادات، وهو الضرائب بمختلف أنواعها ولها عدة مصادر أخرى؛ مثل أرباح الشركات التي تمتلكها الحكومة وأيضًا المنح التي تُقدم من الدول الأجنبية, ففي المقابل لديها عدة جهات لإنفاق هذه المصادر؛ فالحكومة تنفق لتستهلك كما أنها تنفق لتستثمر مثلها في ذلك مثل الأفراد، وسنذكر هذا بالتفصيل فيما بعد.

 كيف تُعد هذه الموازنة؟

تقوم الحكومة بإعداد الموازنة من خلال وزارة المالية، ثم يتم عرض الموازنة المقترحة أو مشروع الموازنة على البرلمان الذي يقوم أعضاؤه بالتصويت عليه إما برفضه أو بقبوله فإن قُبلت الموازنة تم اعتمادها والعمل بها في السنة الجديدة.
وكما قلنا سابقًا فإن الموازنة تشمل إيرادات ونفقات الدولة؛ فلنعُد مرة أخرى للحديث عن هذه الإيرادات والنفقات بالتفصيل ولنبدأ بالإيرادات!

الإيرادات

تنقسم الإيرادات العامة للدولة إلى إيرادات ضريبية وإيرادات غير ضريبية.

أولا الإيرادات الضريبية

وهي الإيرادات التي تجمعها الحكومة من خلال فرض الضرائب. ويمكن للدولة أن تطبق عدة أنواع من الضرائب

  • فعلى سبيل المثال هناك الضرائب على الدخل وهي نسبة معينة تقتطعها الحكومة من دخل أو ربح الأشخاص عندما يزيد هذا الدخل عن قيمة معينة.
  • هناك أيضًا الضرائب الجمركية أو كما يطلق عليها “الجمارك” وهي نسبة من قيمة السلعة تأخذها الحكومة عند استيراد هذه السلعة من الخارج.
  • كما أن هناك الضرائب العقارية وتعرف أيضًا بضريبة الأملاك وهي ضريبة يدفعها الشخص الذي لديه ممتلكات من العقارات وتحدد قيمة الضريبة بناء على قيمة هذه الممتلكات.
  • هذا بالإضافة للضريبة التي يدفعها المستهلك بطريقة غير مباشرة عندما يشتري السلع وتسمى ضريبة المشتريات.

كل تلك الضرائب و غيرها تمثل المصدر الرئيسي لإيرادات الدولة.

ففي مصر على سبيل المثال تقدر الإيرادات الضريبية بنحو 66.4% من إجمالي الإيرادات في موازنة عام 2014/2015. وبجانب كونها مصدرًا هامًا للدخل القومي تستخدم الضرائب أيضًا كوسيلة يمكن من خلالها تحقيق العدالة الاجتماعية حيث تأخذ الدولة ممن يمتلك لتقدم دعم على السلع والخدمات والمرافق إلى من لا يمتلك.

ثانيا الإيرادات غير الضريبية:

هي باقي الإيرادات أو هي الإيرادات التي تدخل للدولة بوسيلة أخرى غير الضرائب، وهي تأتي من عدة جهات نذكرها سريعا؛ وهي:

  • المنح الدولية وهي المبالغ التي تقدم لدولة ما من دول أخرى لمساعدتها، كذلك القروض، مع فارق أن القروض يتم إعادة ردها مع دفع خدمة دين أو فائدة عليها حتى تمام سدادها بعكس المنح.
  • إيرادات الهيئات التي تمتلكها الحكومة وتحقق أرباحًا؛ مثل أرباح هيئة قناة السويس في مصر أو أرباح هيئات البترول.
  • أرباح وفوائض الهيئات الاقتصادية والشركات الهادفة للربح التي تمتلكها الحكومة؛ مثل أرباح البنك المركزي.
  • إيرادات الخدمات التي تقدمها الحكومة؛ مثل تراخيص السيارات وتراخيص البناء وكذلك الغرامات والعقوبات التي توقع على المخالفين.

تلك هي أهم مصادر الإيرادات أو عناصر الدخل للدولة.
لنرى الآن ما هي أهم الجهات التي تنفق الحكومة دخلها فيها..

النفقات

تقوم الحكومة بتوزيع دخلها على عدة مصارف هي كالآتي:

  • أجور وتعويضات العاملين بقطاع الحكومة؛ فالمدرسون والموظفون في المدارس العامة وأطباء المستشفيات الحكومية وكل من يعمل في هيئة أو مؤسسة عامة تابعة للحكومة يتسلمون مرتباتهم من موازنة الحكومة.
  • استهلاك السلع والخدمات؛ فالحكومة تستهلك ولكن ليس لذاتها بل لأغراض الدعم؛ كالكتب المدرسية الخاصة بالمدارس الحكومية، الأدوات المستخدم في الهيئات والمصالح الحكومية، صيانة المرافق العامة كالمواصلات وغيرها؛ كل هذا يُعد استهلاكًا حكوميًا.
  • شراء الأصول غير المالية، المقصود هنا هو عمليات الاستثمار؛ فالحكومة تقوم بشراء أراضي لبناء مدارس ومستشفيات حكومية أو بعبارة أدق فإن الحكومة تشترى تلك الأصول لتقوم بتحسين البنية التحتية الأساسية للدولة.
  • الدعم والمزايا الاجتماعية: والتي تقدمها الدولة للفئات الأكثر فقرًا في المجتمع لتمكنهم من تحقيق مستوى معيشة ملائم, ويكون هذا الدعم على الطاقة والبترول ودعم السلع الغذائية الأساسية, كذلك قد تقدم الدولة منحًا لبعض الفئات من المجتمع مثل منح البطالة, أو منح للسيدات اللواتي لا يمتلكن مصدرًا للدخل.

وعلى سبيل المثال يمثل الدعم في موازنة مصر لعام 2014/2015 حوالي 30% من إجمالي المصروفات الحكومية.

  • خدمة الدين : وهي الفوائد التي تدفعها الحكومة مقابل القروض التي قد أخذتها سابقا ولم تسدد بعد، وتسمى مصروفات خدمة الدين وهي تدفع على كل من القروض الداخلية والقروض الأجنبية.

أجزاء الموازنة العامة للدولة

الآن وقد تم إيضاح الإيرادات العامة للدولة وكذلك نفقاتها, دعني أسألك سؤالا مهمًا:  هل من الممكن ألا تتساوى إيرادات الحكومة مع نفقاتها؟ وما الذي قد يحدث إذا لم تتساوى؟ هذا ما سنعرفه في المقال القادم

أمينة حسين

خريجة قسم الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية- جامعة القاهرة

المقالات المتعلقة

2 تعليقات

  1. اكيد ، ممكن ان لا تتساوى الايرادات مع النفقات العامة مسببا عجزا في الموازنة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى